تقرير: حزمة من “العقوبات” التونسية بانتظار “أردوغان” ..

حالة من الغضب سادت المشهد التونسي على المستويين الرسمي والشعبي على خلفية تصريحات للرئيس التركي اعتبرتها الخارجية التونسية تدخلاً في شؤون البلاد، وحث سياسيون على استخدام إجراءات حازمة بحق أنقرة “كي ثمن هذه الحماقات”.

ويرى الباحث والصحفي التونسي المتخصص في الإسلام السياسي وقضايا التطرف الديني، باسل ترجمان، أنّ “الرئيس التركي بعد أن أنهى دوره بالضحك على عقول أغبياء جماعات الإخوان المسلمين والإسلام السياسي بقضية تحرير القدس والقضاء على إسرائيل انتبه متأخراً إلى أنّ هذه الجماعة اهتزت وانهارت جرّاء أنها كانت عبارة عن قطيع يتبع له ويصدق كل ما كان يقوله من أكاذيب، والضحك على العقول”.

وكان أردوغان صرّح بأنّ “حل البرلمان المنتخب في تونس يشكل ضربة لإرادة الشعب التونسي”، بحسب بيان صحفي نقلته وكالة الأنباء التركية “الأناضول”.

وأعرب عن تمنيه أن “لا تؤدي هذه التطورات إلى إلحاق الضرر بالمرحلة الانتقالية الجارية نحو إرساء الشرعية الديمقراطية في تونس”، وتابع: “نولي أهمية لتنفيذ خارطة الطريق المعلنة بشأن الانتخابات”.

وأكد ثقته أنّ “العملية الانتقالية لا يمكن أن تنجح إلا من خلال حوار شامل وهادف تشارك فيه كافة شرائح المجتمع، بما في ذلك البرلمان الذي يجسد الإرادة الوطنية”. وقال إنّ “تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب تونس وشعبها الشقيق والصديق في هذه المرحلة الحرجة”.

واستدعت شرطة مكافحة الإرهاب راشد الغنوشي رئيس البرلمان، ومشرعين آخرين لاستجوابهم الأسبوع الماضي.

وكان قيس سعيّد، اعتبر ما قام به البرلمان، نوعاً من التآمر على أمن الدولة، وتدبير محاولة انقلابيّة.

واعتبرت وزارة الخارجية التونسية، في بيان عبر صفحتها على فيسبوك، أنّ هذا التصريح يعد “تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي، ويتعارض تماماً مع الروابط الأخوية التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول”.

وأضافت الوزارة أنها “تُذكر بأنّ تونس بقدر التزامها بثوابت سياستها الخارجية وحرصها على بناء علاقات وثيقة مع الدول الشقيقة والصديقة قوامها التعاون والتضامن والتشاور والثقة المتبادلة، فإنها أيضاً تتمسك باستقلال قرارها الوطني وترفض بشدة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الذي لا رجعة فيه”.

وأكدت أنّ “تونس دولة حرة مستقلة والشعب فيها هو صاحب السيادة وهو المخول الوحيد لاختيار مسار تحقيق الحرية الحقيقية التي تحفظ أمنه وتصون كرامته وتدعم حقوقه وتعزز كل مكاسبه وتقطع مع رواسب الماضي ومع مسار الديمقراطية الشكلية التي لا علاقة لها بإرادة التونسيين والتونسيات”.

ويعتقد الباحث التونسي باسل ترجمان في تصريح لـ “حفريات” أنّ اردوغان حاول دون أنّ يفهم أحد مبرر ذلك افتعال أزمة جديدة؛ “لأنّ الرئيس التركي أمام الفشل الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه تركيا لا يستطيع أن يعش دون خلق أزمات سياسية جديدة”.

ويشير ترجمان إلى أنّ هذه الأزمة التي افتعلها أردوغان في تونس، هي بمثابة “تجاوز مفضوح لكل الأعراف والأصول الدبلوماسية، جاء من دولة تعتبر من أكثر دول العالم في انتهاك حقوق الإنسان والحريات الفردية بحسب ما أعلنته لسنوات متواترة أكبر وأهم المنظمات المهتمة بحقوق الانسان في العالم”.

ويلفت ترجمان إلى أنّ تركيا “تعتبر من أكثر الدول التي تنتهك فيها حرية الاعلام ويعتقل فيها عدد كبير من الصحفيين بتهم ملفقة، وآخر الضحايا الصحفية المشهورة “سيديف كاباش” التي تواجه حكماً بالسجن لخمس سنوات بتهمة الاساءة للرئيس رجب طيب أردوغان”.

ويشير ترجمان إلى أنّ منظمة مراسلون بلا حدود طالبت تركيا قبل أيام قليلة باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة الصحفيين:”في أعقاب مقتل اثنين منهم خلال عام واحد وسط زيادة مقلقة في المضايقات ضد العاملين بمهنة الصحافة إضافة الى مضايقات كبيرة على حرية الصحافة جعلت تركيا تتبوأ المرتبة 153 من 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2021 الصادر عن مراسلون بلا حدود”.

ويستكمل ترجمان:”هذا السجل الأسود في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وحرية الاعلام لم يكن كافياً ليفهم الرئيس أردوغان، أنّ محاولته لعب دور الواعظ الديمقراطي لا يناسبه، والذاكرة ما زالت شاهدة على انقلابه على النظام البرلماني في تركيا، وتحويله لنظام رئاسوي مطلق، صمم خصيصاً لإبقائه رئيساً، في مهزلة أوصلت تركيا اليوم لدولة انهارت عملتها، ووصل حجم التضخم فيها أرقاما قياسية، وتحولت المعجزة الأردوغانية لتجربة فاشلة”.

وينوه ترجمان إلى أنّ ما قام به أردوغان تلقى رد فعل مناسباً له تماماً من الدولة التونسية ومن الإدارة التونسية: “وهناك أيضاً، وهو الأهم، ردود الفعل الشعبية، مثل مطالبات بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا والتي هي في مصلحة تركيا، بما يقارب المليار دولار لصالح الاقتصاد التركي كل عام، أيضا هناك طلب وهو الأهم؛ اعلان شعبي لمقاطعة المنتجات التركية في تونس، إذا لم يفهم أردوغان أنّ سياساته الحمقاء تسببت في كوارث للاقتصاد التركي والشعب التركي سيفهم أيضاً برسالة واضحة من تونس، وبالتالي نشاهد اليوم حجم التضخم، وارتفاع نسب الفقر، وانهيار العملة التركية، كل هذا بسبب السياسات المغامرة لأردوغان، خاصة أنّ العلاقات التجارية بين البلدين لصالح تركيا بشكل كبير بالتالي ستدفع تركيا ثمن هذه الحماقات التي ارتكبها في المستوى السياسي والاقتصادي والعلاقات بين البلدين”.

(عن موقع “حفريات”)