هل تكون سفينة ‘ايكسلو’ معدّة للتهريب وضالعة في شبكة تهريب النفط من ليبيا إلى مالطا عبر خليج قابس؟

أكّد ديبلوماسي سابق عمل بسفارة تونس بمالطا، محمد هيثم باللطيف، أنّ السفينة التجارية ‘اكسيلو’ التي غرقت قبالة سواحل قابس ليلة الجمعة والمحملة بنحو 750 طنّا من الغازوال القادمة من ميناء دمياط المصري والمتجهة إلى مالطا، معدّة للتهريب ما يؤكده أيضا عدد طاقهما المضيّق.

وقال باللطيف، في تدوينة له أمس السبت، إنّها ليست المرّة الأولى التي يتم فيها تهريب النفط من ليبيا إلى مالطا عبر تونس مرورا بخليج قابس تحديدا باعتباره نقطة اختفاء السفن عن منظومة الرصد والتتبع، بحسب توضيحه.

ولفت الديبلوماسي الأسبق، إلى أنّ عديد التقارير الأممية تحدّثت عن تهريب النفط، وأنّ هذه المسألة كانت قد أثارت ضجة غير أنّه تمّ التكتم عنها في تونس لتورط أطراف نافذة في هذه العملية، مبرزا أنّ حلقة التهريب بين مصر ليبيا مالطا عبر خليج قابس بتونس معلومة، لافتا إلى ضلوع تونس وإيطاليا وتركيا أيضا في المسألة، وكان مجلس الأمن الدولي قد سلّط عقوبات على مصريين ومالطيين وليبيين، بحسب قوله.

وتساءل باللطيف، عمّا إذا كانت السفينة التي تعرّضت للغرق لديها إذن بالعبور والارساء بتونس من عدمه، قائلا، “وإن تم منحها الإذن وهي معدّة للتهريب فتلك المصيبة الأكبر؟”.

وجدير بالذّكر في هذا السياق، بأنّ الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني حينها كانت قد عبّرت عن قلقها من تزايد تهريب الوقود إلى مالطا، خاصّة أمام الصعوبات التي تواجهها المؤسسة الليبية للنفط لتوصيل الإمدادات إلى المحطات بسبب انعدام الأمن.

وكانت الحكومة الليبية، قد أفادت في بيان لها، بعد لقاء رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني مع سفير مالطا بأنّ “هذه الظاهرة باتت تشكل تهديدا للدولة الليبية وتؤثر على الأمن القومي”.

وفي هذا الإطار أيضا، كانت الصحيفة المالطية “Times of Malta “، قد أوردت في تقرير لها نشر سنة 2017 ترجمته بوابة إفريقيا الإخبارية، بأن هناك معطيات تكشف توّرط “مافيا مالطية” في عمليات تهريب الوقود من ليبيا والتي تُقدّر قيمتها بملايين اليورو قد قُدِّمت للشرطة منذ سنوات عديدة.

ووفق ذات الصحيفة، فقد تضمنت المعطيات أسماء عدد من الأفراد من بينهم رجال أعمال من مالطا وليبيا وصقلية، وأيضا كشفت عن تحركات ناقلتي نفط كانتا تبحران بين مالطا وليبيا، حيث كان يتم تخزين النفط المهرّب بمالطا، ولفتت الصحيفة إلى أنّه لم يتم القبض على أي شخص كما لم تتم محاكمة أحد.

وأفادت الصحيفة، بأنّه تم القبض من قبل الشرطة الإيطالية عن دارين ديبونو، وهو لاعب كرة قدم سابق تحول إلى رجل أعمال في لامبيدوسا، وذلك في إطار التحقق حول ما اصطُلح عليه بعملية النفط القذرة، مبرزة بأنّ اسمه وأسماء آخرين قد أثيرت سابقا وأن الشرطة المالطية على دراية تامة بذلك.

ونقلت الصحيفة المالطية عن لسان مصدر مقرب من الشرطة، أنّه “من السخرية جدا أن يتم القبض على السيد ديبونو من قبل الإيطاليين بينما التجارة غير المشروعة المزعومة تتم عبر مالطا”.

وبحسب ذات المصدر، فقد بدأت الصحافة الدولية تتحدث عن تهريب الوقود الليبي بعد فترة وجيزة من انهيار نظام القذافي، وكان تقرير للأمم المتحدة قُدِّم الى مجلس الأمن العام الماضي أشار إلى تهريب النفط عبر مالطا لتمويل الميليشيات وشراء الأسلحة.

وقام خبراء الأمم المتحدة بتفصيل تحركات السفن مثل “باربوسا ستار” و “بونو5 “، التي تديرها شركة ADJ التجارية، المملوكة للسيد ديبونو وفهمي بن خليفة.

ووفقا لمحققي الأمم المتحدة، قامت “باربوسا ستار” بعدة رحلات بين ليبيا ومالطا، حيث ضخت آلاف الأطنان من الوقود الليبي المهرب مباشرة في مستودع للوقود داخل “الميناء الكبير” (مالطا).

كما ألقى النائب العام الليبي الصديق الصور الضوء مجددا على المسألة في وقت سابق من هذا العام.

وفي مؤتمر صحفي أعلن فيه إصدار مذكرات اعتقال ضد مدراء تنفيذيين للنفط في ليبيا يشتبه في تورطهم في التجارة غير المشروعة للوقود، داعيا إلى مزيد من التعاون من جانب السلطات المالطية لوقف “تهريب الوقود الليبي من قبل المافيا المالطية”، وقال “إن هذا يحدث يوميا”.

وأضاف: “ليس بسِرٍّ أن رجال أعمال مالطيين كانوا متورطين بشكل كبير في التهريب … وتقوم المافيا المالطية والإيطالية بإرسال سفن نفط يوميا لاستقبال الوقود المهرب من ليبيا”.

ولفتت الصحيفة بأنّ بعض وسائل الإعلام ربطت عمليات تهريب النفط باغتيال الصحفية المالطية دافني كاروانا غاليزيا.

وللإشارة، فإنّه تم اغتيال الصحفية الاستقصائية دافني كاروانا غاليزيا، سنة 2017، عقب نشرها لمقالها الأخير في 16 أكتوبر 2017، والذي تحدّثت فيه عن قضية فساد جديدة طالت زعماء المعارضة المالطية. وقالت في هذا المقال “هناك محتالون في كل مكان تنظرون إليه الآن، الوضع يائس للغاية “، والتي انفجرت بها السيارة بعد قطعها لبضع مترات من مقر عملها.

وقد تمّ القبض على ثلاثة رجال لديهم سجلات إجرامية ثقيلة، من بينهم الأخوين ألفريد وجورج ديجيو وفينس موسكات للاشتباه في تفخيخهم سيارة الصحافية الاستقصائية، ولئن اعترف المشتبه بهم بالوقائع وينتظرون اليوم المحاكمة، فلا أحد بدءا من عائلة الضحية يستطيع تصور أن هؤلاء هم من أعدوا وأمروا بتنفيذ جريمة الاغتيال.

ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، المشتبه بقيامه بحماية مقربين منه في قضية مقتل الصحافية الاستقصائية دافني كاروانا غاليزيا، استقالته سنة 2019، القرار الذي تمت قراءته على أنّه يتنّزل في إطار التخفيف من الغضب الشعبي بعد أن حامت الشكوك حول تدخله المحتمل في التحقيق في مقتل أشهر مدونة في البلاد دافني كاروانا غاليزيا.