صفاقس: تلميذ المعهد النموذجي المقصى من البكالوريا بسبب تسليمه لهاتفه قبيل الامتحان يحظى بتعاطف واسع من المواطنين ومكوّنات المجتمع المدني

حظي تلميذ المعهد النموذجي بصفاقس، كريم اللوز، المقصى من دورة البكالوريا بسبب تسليمه لهاتفه الجوال للأستاذة المراقبة في القاعة قبيل الامتحان بتعاطف واسع من المواطنين ومكوّنات المجتمع المدني الذين لم يستسيغوا ما اعتبروه “قسوة القانون وسطوته” على التلميذ الذي برهن من خلال تقديمه للهاتف الذي نسيه في جيبه عن حسن نيته وخلوّها من الرّغبة في الغش.

وكان التلميذ كريم اللوز أكمل كل الاختبارات ولكن النتيجة التي تلقاها من وزارة التربية قضت بإلغاء الدورة له من أجل “شبهة غش” ما أثار استياء عميقا لديه ولعائلته وأصدقائه ومقربيه.

وأوضح المندوب الجهوي للتربية صفاقس 1، محمد بن جماعة، لـ”وات”، أن هذا القرار اتّخذته الوزارة بناء على قرار لجنة الغشّ وسوء السلوك بمركز التجميع والتوزيع في ولاية أخرى، التي وجّه إليها رئيس مركز الامتحان تقرير الأستاذة المراقبة بقاعة الامتحان، وقد اقترحت اللجنة ما رأته عقوبة مناسبة على وزير التربية واللجنة الوطنية للامتحانات، بحسب قوله.

وقد عبّرت عديد الصفحات والمواقع على صفحات التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام عن تعاطفها مع التلميذ المعروف بتألقه وتميّزه في مسيرته الدراسية وأجمعوا على أنه ليس من طينة من يراهنون على الغشّ في الامتحانات وقد برهن على ذلك بتسليمه تلقائيا للهاتف قبل انطلاق الامتحان، وذهب العديد إلى أن الوزارة بمثل هذه العقوبات ضد الأبرياء “تحطّم” أبناءها وخاصّة المتألقين منهم، وتسيء بذلك للدولة ولكفاءاتها وثروتها الأساسية.

ونشرت صفحة الحراك المواطني “التلميذ التونسي” فيديو للتلميذ كريم الذي أكد أنه نسي ترك هاتفه في السيارة قبل النزول منها عندما كان متوجّها إلى مركز الامتحان، ذلك لأنه متعود على سماع الموسيقى كل صباح، وقال إن المادة التي دخل ليجتازها يومها هي مادة الإعلامية التي كان تحصل في جانبها التطبيقي على 20 على 20 بما يقيم الدليل على أن لا نيّة لديه للغش، وفق قوله.
..

وعلّق كريم على النتيجة التي وصلته قائلا باستغراب “غش”؟ “غش ماذا؟ وقد سلمت الهاتف بحسن نية قبل 6 دقائق من انطلاق الامتحان” ووجّه نداء لرئيس الجمهورية ووزير التربية لإنصافه وإنصاف كل تلميذ لا يحمل أية نية للغش ولم يقم بالغش.

ووصف الناشط المدني المشرف على صفحة “سيب التروتوار”، الأستاذ زياد الملولي، المنشور المنظّم للامتحان الباكالوريا بالجائر لأنه “يضع في نفس السلة من يمارس الغش في الامتحانات مع الأبرياء من التلاميذ والصادقين”، بحسب تعبيره. واعتبر أن القانون، الذي يعاقب بعقوبة قاسية من نسي هاتفه في جيبه ولم يمارس الغش بتاتا، يعزز الشعور بالظلم والغبن لدى الشباب وينفره في البقاء في تونس ويدفعه للهروب منها.

ووجّه الملولي رسالة إلى رئيس الجمهورية دعاه فيها إلى إنصاف التلاميذ المظلومين بسبب اصطحابهم للهاتف وعدم ثبوت ممارستهم الغش، وذلك بإصدار مرسوم رئاسي يصوّب مضمون المنشور القديم باتجاه تخصيص العقوبة لمن يمارس الغشّ دون الأبرياء.

كما نشر الأستاذ الجامعي محمد القابسي تدوينة باللغة الفرنسية بشأن الحادثة تحت عنوان “عندما تقتل القوانين أو من يتولون تطبيقها النزاهة”، واعتبر هذا الأستاذ أن التلميذ كريم “دفع ثمن نزاهته” عندما سلّم الهاتف الذي نسيه معه إلى الأستاذة المكلّفة بمراقبة قاعة الامتحان قبل انطلاق الاختبار.

في المقابل، اعتبر المندوب محمد بن جماعة أن الأستاذة المراقبة قامت بواجبها في تطبيق القانون مذكّرا بتعدّد المناسبات التي تم فيها إعلام التلاميذ بمقتضيات المنشور المنظم للامتحانات، ومؤكدا أن “الامتحانات الوطنية ليس فيها اجتهاد بل تتطلب الصرامة”، بحسب تعبيره.

وأفاد بأن المندوبية الجهوية للتربية صفاقس 1 أحصت 3 حالات أخرى مشابهة في مراكز امتحان أخرى، قدّم فيها أصحابها الهواتف بشكل تلقائي قبل انطلاق الامتحان وقد كان مصيرهم نفس مصير التلميذ الذي يدرس في النموذجي، مشيرا إلى أن مجموع حالات الغش المرصودة وصل إلى 3 حالات الغش و16 شبهة غش (أغلبها متعلّقة باصطحاب هواتف).