تونس / المغرب : لهذه الأسباب افتعل محمد السادس خلافه مع قيس سعيد؟ 

تونس / المغرب : لهذه الأسباب افتعل محمد السادس خلافه مع قيس سعيد؟ 

هل نخطىء عندما نقول أن ملك المغرب محمد السادس وجد في استقبال الرئيس قيس سعيد لرئيس الجمهورية الصحراوية بمناسبة انعقاد مؤتمر “التيكاد” فرصته الذهبية لافتعال معركة دبلوماسية هابطة تلفت نظر الشعب المغربي عن الفضيحة الباريسية لأمير المؤمنين ؟ في تونس يمكن طرح مثل هذه الأسئلة لأن الصحافة في تونس غير مكممة مثلما هي في المغرب.

حين تم “ضبط” الملك المغربي محمد السادس مخمورا في إحدى شوارع باريس منذ أيام قليلة سال حبر كثير و طرحت تساؤلات كثيرة بقيت بلا جواب شيء منها لأن القصر مارس ضغوطا هائلة للتعتيم على الموضوع و شيء آخر في انتظار التثبت من خفايا الأمر و الخروج بتحقيقات تهز الساحة السياسية المغربية. بطبيعة الحال و في السياسة يجب البحث عن أي شيء بإمكانه صرف نظر الشعب المغربي عن متابعة هذه الفضيحة الكبرى خاصة و أنها تتعلق بأمير المؤمنين و رئيس لجنة القدس الذي لا يزال صدى استقباله لشخصيات في الحكومة الصهيونية و فتح أبواب المغرب على مصراعيها لاستقبال الوفود و الأموال الصهيونية باسم التطبيع الكامل و الشامل مع الحكومة التي تقوم في نفس الوقت باغتيال الشعب الفلسطيني مستعملة أحدث الأسلحة التي تمدها بها الإدارة الاستعمارية الأمريكية يهز وجدان الشعب المغربي.

لذلك يمكن القول أن الملك المغربي قد وجد في استقبال الرئيس قيس سعيد لرئيس الجمهورية الصحراوية بمناسبة انعقاد مؤتمر “التيكاد” فرصته الذهبية لافتعال معركة دبلوماسية هابطة تلفت نظر الشعب المغربي عن الفضيحة الباريسية.

هل حشرت تونس نفسها فى الزاوية و عمقت من عزلتها الدولية ؟

في السياسة لا يوجد مفهوم أسمه حسن النية و لا يوجد من الدول من تتصدق لوجه الله لأن السياسة قذرة في مفهومها الضيق و لغة مصالح في مفهومها العام و لذلك لا نظن أن جلالة الملك المغربي قد أقام الدنيا و لم يقعدها لمجرد زيارة و استقبال بروتوكولي عابر لرئيس ما يسمى بالجمهورية الصحراوية من طرف الرئيس التونسي فتونس على حدّ علمنا لم تعترف أصلا بهذه الجمهورية و لم تتدخل أبدا بشكل منحاز لأي طرف في هذا النزاع الذي لم تحسمه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة و لا جهود المبعوث الأممى ستيفان دى ميستورا و شكل بؤرة توتر و صدام ساخن بين الجزائر و المغرب منذ سنوات.

إذن لماذا افتعل العاهل المغربي هذه المشكلة ؟ بطبيعة الحال الجواب واضح لأن جلالة الملك لم ينس الموقف التونسي الذي امتنع عن التصويت في مجلس الأمن في شهر أكتوبر من السنة الماضية على قرار له علاقة بالنزاع الصحراوي و هو ما اعتبرته المغرب موقفا تونسيا عدائيا منحازا للجزائر ستكون له تبعات سلبية على العلاقة بين تونس و المغرب. الملك يرى أن تونس قد حشرت نفسها فى الزاوية و فضلت الاقتران بالجزائر لتزيد من عزلتها الإقليمية و القارّية و الدولية عموما.

معركة سياسية خاسرة تحت يافطة خيانة تونسية

لقد أكدنا من البداية أن السياسة مصالح و بس و هنا نتساءل من باب المقارنة و محاولة وضع النقاط على الحروف لماذا صافح الملك المغربي القيادة الصهيونية الإرهابية و أمضى اتفاقيات عسكرية مع الكيان العدو ؟ ألم يستنكر السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية نفسه هذا التطبيع المبالغ فيه و الذي بدأه الملك الراحل الحسن الثاني ؟ ألم يحضر المغرب عدة فعاليات شارك فيها الوفد الصحراوي ؟ ألم ينسحب المغرب من إحدى القمم الإفريقية ثم عاد للجلوس مجدداغير بعيد عن الوفد الصحراوي ؟ هل من حق المغرب أن يعترض أو يندد بزيارة الوفد الصحراوي للحضور في مؤتمر تنظمه اليابان و هي من تحدد قائمة المدعوين له مع الإتحاد الأفريقي ؟ لماذا امتنعت المغرب عن الحضور قبل مجيء الوفد الصحراوي و هل كان حضور هذا الوفد مجرد تعلّة سخيفة لتصفية حسابات قديمة ؟ لماذا يريد ملك المغرب فتح معركة سياسية خاسرة تحت يافطة خيانة تونسية لما يسمى بالحياد الدبلوماسي التونسي ؟ لماذا ترك جلالة الملك العنان لأصوات الفتنة و النفاق من وسائل الإعلام الذي لا تمتلك ذرة شرف لإهانة تونس؟

لم يعد سرا أن النظام المغربي و منذ انضمامه للاتحاد الإفريقي قد حضر جنبا إلى جنب مع الوفد الصحراوي كل المؤتمرات أو الأنشطة التي يشرف عليها الاتحاد الإفريقي و قد حضر الملك المغربي شخصيا إلى جانب الرئيس الصحراوي أعمال القمة الخامسة للشراكة الإفريقية الأوروبية التي تمت بساحل العاج سنة 2017 كما حضر الوفد المغربي مع الوفد الصحراوي قمة “التيكاد 7 ” في اليابان سنة 2019 و لذلك يتحدث كثير من المتابعين أن الملك بافتعاله هذه المشكلة مع الرئاسة التونسية مضمنا بلاغه عبارات جارحة خارجة عن اللباقة و الاحترام قد أحرج نفسه أمام الشعب التونسي الذي لا يقبل بإهانته أو إهانة سيادة بلاده لمجرد إشباع غرور ملك تعود على خسائر كل معاركه التي خاضها سواء مع اسبانيا أو الجزائر أو فرنسا لعل تطبيعه مع الكيان هو خضوع ملموس لضغوط الإدارة الصهيونية الأمريكية و لذلك فان من كان بيته من زجاج فلا يرمى بيوت الآخرين بالحجر.

بقلم أحمد الحباسي :كاتب و ناشط سياسي.